هل يجمع الإسرائيليون التبرعات باسم غزة؟ الوجه المظلم للتسول الإلكتروني واستغلال العواطف وتحويل الأموال
في زمن التحول الرقمي، لم تعد منصات الإنترنت وسيلة للترفيه أو المعرفة فقط، بل تحولت إلى مسرح مفتوح لعمليات احتيال ممنهجة، تستغل الأزمات الإنسانية وتلعب على أوتار العاطفة لتمرير أجندات خفية. أحد أبرز أشكال هذه الظاهرة هو “التسول الإلكتروني” الذي يرتدي قناع العمل الخيري، بينما هو في جوهره مشروع احتيال منظم.
● ما هو التسول الإلكتروني؟
هو عملية طلب المساعدات المالية من خلال الإنترنت عبر حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أو صفحات تبرعات، غالباً ما تُصمّم بعناية لتبدو شرعية وإنسانية. تعتمد هذه الصفحات على صور مفجعة، قصص مأساوية، أو أحداث راهنة مثل الحروب والكوارث، لإثارة تعاطف المستخدمين ودفعهم للتبرع.
● الحسابات المتنقلة: من إفريقيا إلى غزة!
من المثير للريبة أن العديد من هذه الحسابات تُبدّل هويتها الجغرافية بين فترة وأخرى. تجد نفس الحساب قبل شهر يطلب المساعدات لأطفال الصومال، وبعدها يصبح من سكان حي في القاهرة، ثم فجأة يظهر بأنه من غزة المحاصرة، يطلب الدعم الإنساني العاجل.
هذا السلوك يُشير إلى سيناريوهين محتملين:
-
عملية احتيال فردية تهدف لجمع المال بطرق غير شرعية.
-
شبكة منظمة تدير الحسابات من مكان واحد وتستخدم هويات عربية متعددة لجذب تعاطف الشعوب العربية والمسلمة.
● كيف تُستغل العاطفة لتحويل المال؟
هذه العمليات لا تعتمد فقط على الصور والقصص، بل توظف أدوات وتقنيات تسويقية متقدمة:
-
تقنيات Growth Hacking لزيادة الانتشار العضوي للحملات.
-
إعلانات ممولة تستهدف مستخدمين في دول الخليج والدول الأوروبية.
-
توظيف كلمات مفتاحية دينية وإنسانية مثل: “أنقذوا”، “تصدقوا”، “فرّجوا كربة”…
● تحويل الأموال: كيف تتم العملية؟
غالباً ما تستخدم هذه الحسابات منصات دفع سهلة التحصيل مثل:
-
PayPal: حيث يُمكن لأي شخص فتح حساب باسم وهمي وجمع تبرعات.
-
Cryptocurrency (العملات الرقمية): تُستخدم لتمرير الأموال دون تتبّع.
-
بطاقات الهدايا أو خدمات تحويل مثل Western Union.
-
منصات تبرعات جماعية مثل GoFundMe، التي تسمح لأي شخص بإنشاء حملة تبرع دون تحقيق فعلي في مصداقية القصة.
هذه الوسائل تجعل تتبّع مصدر الأموال أو وجهتها النهائية أمراً معقداً، خاصةً إذا كانت التحويلات تمر عبر دول متعددة.
● تساؤل مشروع: هل الإسرائيليون يجمعون التبرعات باسم غزة؟
في ظل التقدم في حملات الحرب النفسية والدعاية المضادة، يبرز تساؤل خطير يجب التوقف عنده:
هل يمكن أن تكون بعض هذه الحملات الإلكترونية من إدارة إسرائيلية أو جماعات داعمة لها، تجمع الأموال باسم غزة والضحايا الفلسطينيين، لتُستخدم لاحقاً في دعم الحرب نفسها؟
السيناريو غير مستبعد، خاصةً مع:
-
وجود وحدات إسرائيلية متخصصة بالحرب السيبرانية (مثل وحدة 8200).
-
القدرات التكنولوجية الكبيرة لتزوير الهويات الرقمية.
-
ضعف الرقابة على حملات التبرع الإلكترونية.
إن استغلال اسم غزة والمآسي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من أجل خداع المتبرعين ليس فقط عملية احتيال مالي، بل جريمة أخلاقية تُحوّل التعاطف العربي والإسلامي إلى سلاح يُستخدم ضدهم.
● كيف نحمي أنفسنا؟
-
التحقق من هوية صاحب الحساب أو الحملة قبل التبرع.
-
دعم المؤسسات الموثوقة والمسجلة فقط.
-
استخدام وسائل تبرع آمنة تخضع لرقابة.
-
الإبلاغ عن الحسابات المشبوهة لمنصات التواصل.
ما يبدو أنه نداء إنساني قد يكون مجرد قناع لحملة احتيال إلكتروني أو عملية خداع استخباراتي. لا يكفي أن نُحسن الظن، بل يجب أن نُحسن التحقق. فالعواطف وحدها لا تُنقذ الأرواح، بل قد تُستخدم لإيذائها.
عن الكاتب:
محمد عواد (Mohammad Awwad)
مستشار رقمي وخبير في نمو الأعمال والتسويق الرقمي، مختص في التنقيب عن البيانات، الأمن السيبراني، التجارة الإلكترونية، أنظمة إدارة العلاقات مع العملاء (CRM)، تحليل البيانات، وأتمتة الذكاء الاصطناعي.
يجمع بين النظرة التقنية والخبرة الاستراتيجية لتقديم حلول متكاملة للشركات والأفراد في العالم الرقمي.
📍 للمزيد من المعلومات والخدمات:
www.m-awwad.com