في عالم الإنترنت المظلم (الدارك ويب)، الكوكيز ليست مجرد ملفات نصية صغيرة تُخزن على متصفحات المستخدمين لأغراض التحسين الشخصي لتجربة التصفح؛ بل هي أداة قوية بيد الهاكرز لمراقبة الضحايا، زرع المعلومات على أجهزتهم، واستخدامها بطرق غير متوقعة لاختراق خصوصيتهم. في هذا المقال، سنغوص في كيفية استخدام الهاكرز المتقدمين للكوكيز لجمع المعلومات وتتبع الأنشطة بطرق دقيقة وذكية.
ما هي الكوكيز وكيف تعمل؟
الكوكيز عبارة عن ملفات نصية بسيطة تُرسل من موقع الويب إلى جهاز المستخدم وتُخزن على المتصفح. تحتوي هذه الملفات على بيانات مثل معرفات الجلسات، إعدادات المستخدم، وتفضيلات التصفح. الكوكيز تُستخدم بشكل مشروع لتعزيز تجربة المستخدم، ولكن يمكن استغلالها بسهولة من قِبل الهاكرز لاستهداف الضحايا.
الأنواع الرئيسية للكوكيز:
- كوكيز الجلسة: تنتهي بمجرد إغلاق المتصفح.
- الكوكيز الدائمة: تبقى على الجهاز لفترة أطول ويمكن استخدامها لتتبع الأنشطة على المدى الطويل.
- كوكيز الطرف الثالث: تُزرع بواسطة خدمات إعلانية أو منصات خارجية لمراقبة المستخدمين عبر مواقع متعددة.
استخدام الكوكيز لاستهداف الضحايا
لأي هاكر، الهدف الأول هو الوصول إلى بيانات الضحية بأقل جهد ممكن. وهنا يأتي دور الكوكيز كأداة قوية وسهلة. الكوكيز تستطيع الاحتفاظ بالعديد من المعلومات الشخصية والأنشطة على الإنترنت، مثل عمليات البحث، المواقع التي تمت زيارتها، وحتى معلومات الدخول مثل كلمات المرور والرموز. يمكن للهاكرز استغلال هذا كالتالي:
-
سرقة الكوكيز: يمكن للهاكر سرقة ملفات الكوكيز من جهاز الضحية باستخدام هجمات مثل “Cross-Site Scripting” (XSS) أو هجمات “Man-in-the-Middle” (MITM). عندما يحصل الهاكر على ملفات الكوكيز الخاصة بالجلسة، يمكنه استخدام هذه الملفات لانتحال هوية الضحية والوصول إلى حساباتها دون الحاجة إلى كلمة المرور.
-
تتبع الأنشطة: باستخدام الكوكيز، يمكن للهاكر تتبع مواقع الويب التي يزورها الضحية، المنتجات التي يهتم بها، وحتى أوقات تصفحه المعتادة. هذا التتبع يسمح للهاكر بفهم نمط حياة الضحية وتحديد أفضل وقت لاستغلال نقاط الضعف أو استهدافه بإعلانات خبيثة.
-
استهداف مخصص باستخدام البيانات المسروقة: الهاكرز المتقدمون يمكنهم بناء ملفات تعريف دقيقة لكل ضحية باستخدام البيانات المستخرجة من الكوكيز. هذه الملفات تُستخدم لاستهداف الضحية برسائل بريد إلكتروني احتيالية (phishing) أو لإطلاق هجمات أكثر تعقيدًا مثل “Spear Phishing” بناءً على تفضيلاته وأنشطته على الإنترنت.
كيفية زرع المعلومات باستخدام الكوكيز
زرع المعلومات داخل الكوكيز هو تكتيك متقدم يمكن استخدامه لاستغلال الضحية دون لفت الانتباه. يمكن للهاكر تضمين معلومات خبيثة أو تعليمات ضمن الكوكيز، مما يسمح له باسترجاع هذه البيانات لاحقًا عند زيارة الضحية لموقع معين. الطرق الشائعة تشمل:
-
التلاعب بالكوكيز: يقوم الهاكر بتعديل الكوكيز الخاص بالجلسة أو الكوكيز الدائمة لإضافة بيانات مخصصة. على سبيل المثال، يمكنه إدراج معرف تتبع فريد أو رمز خاص يتفاعل مع سيرفرات المهاجم عند زيارة الضحية لمواقع معينة.
-
كوكيز زومبي: حتى إذا قام المستخدم بحذف الكوكيز، يمكن للهاكر إعادة إنشائها باستخدام تقنيات مثل “Evercookies”. تُستخدم هذه التقنية لتخزين نفس المعلومات في أماكن متعددة مثل التخزين المحلي أو ذاكرة Flash. تُمكّن هذه الطريقة المهاجم من مراقبة الضحية بشكل دائم تقريبًا، حتى بعد محاولات الضحية لحذف بيانات التصفح.
-
التسرب من خلال إعلانات الطرف الثالث: في هذه الحالة، يستخدم الهاكر خدمات إعلانية غير شرعية لزرع كوكيز ضارة عبر إعلانات تظهر على مواقع ويب مشروعة. بمجرد أن يتفاعل المستخدم مع الإعلان أو حتى يقوم بزيارته، يتم زرع الكوكيز الخبيثة على جهازه، مما يسمح للهاكر بالتواصل مع الجهاز وبدء التتبع أو التنفيذ عن بعد.
تقنيات المراقبة المتقدمة باستخدام الكوكيز
الهاكرز المتقدمون في الدارك ويب يستخدمون تقنيات متطورة للتلاعب في الكوكيز لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الضحية. بعض هذه التقنيات تشمل:
-
Fingerprinting: يتم استخدام الكوكيز كجزء من عملية تحديد بصمة المتصفح، وهي عملية متقدمة تجمع معلومات مفصلة عن الجهاز مثل نوع المتصفح، نظام التشغيل، الإضافات المثبتة، وحتى دقة الشاشة. هذه المعلومات تُمكن الهاكر من تتبع الجهاز حتى لو تم حذف الكوكيز.
-
تجميع الكوكيز عبر الشبكات: عبر مشاركة الكوكيز بين عدة مواقع وخدمات، يمكن للهاكرز بناء صورة شاملة عن سلوك الضحية عبر الإنترنت، وتحليل الأنماط لتحديد نقاط الضعف.
كيفية حماية نفسك
إذا كنت تعتقد أن الكوكيز مجرد ملفات غير ضارة، فإنك تحتاج إلى إعادة التفكير. الحماية من استغلال الكوكيز تتطلب مجموعة من الإجراءات الوقائية:
- استخدام إضافات منع التعقب: مثل uBlock Origin أو Privacy Badger لحظر كوكيز الطرف الثالث وتتبع الإعلانات.
- مسح الكوكيز بانتظام: تأكد من حذف الكوكيز أو تفعيل الوضع الخاص (Incognito Mode) أثناء التصفح.
- التحكم في إعدادات المتصفح: منع المواقع من الوصول إلى ملفات الكوكيز أو تقييد استخدامها حسب الحاجة.
- تشفير البيانات: استخدام بروتوكولات HTTPS سيحد من هجمات MITM، مما يجعل من الصعب سرقة الكوكيز أثناء النقل.
الخاتمة
الكوكيز قد تبدو بسيطة وغير ضارة، لكنها في أيدي الهاكرز المحترفين أداة تجسس قوية وفعالة. من خلال التلاعب بها وسرقتها، يمكن للهاكر الوصول إلى معلومات حساسة، تتبع الأنشطة عبر الإنترنت، وزرع تعليمات خبيثة على أجهزة الضحايا. فهم كيفية استغلال الكوكيز هو خطوة أولى لحماية نفسك من مثل هذه الهجمات في المستقبل.
عن الكاتب
أنا محمد عواد، خبير في البرمجة والتسويق الرقمي، مع أكثر من 20 عامًا من الخبرة في مجال تكنولوجيا المعلومات. لقد عملت على تطوير منصات إلكترونية متعددة، وأدرت مشاريع حساسة في مجالات التجارة الإلكترونية، الأنظمة البنكية، وتحليل البيانات، مع تركيز خاص على الأمن السيبراني. إذا كنت بحاجة إلى استشارات تقنية أو خدمات احترافية في حماية الخصوصية ومكافحة الاختراقات، فأنا هنا لمساعدتك.
البريد الإلكتروني: admin@jh.jo
LinkedIn: ملفي الشخصي
الموقع الإلكتروني: m-awwad.com
للحصول على خدمات استشارية متقدمة أو حلول مخصصة لتقوية أمان شركتك، يمكنك التواصل معي عبر أي من القنوات المذكورة.